[/size][/center]
[right]
كنت أحمل عنقود عنب وجريدتين , حين أنقض عليه حرف ( النون ) الخائف ,
الخائف أبداً , في السلم والحرب , الخائف من أي شيء : من ليله بلا عاشق , من عام بلا كتاب جديد , من بيت بلا بيانو , من شهر بلا نقود , من طريق بلا غزل .
انقض عليه كما تنقض التهمه على لص : متى تخرجون .. متى تخرجوون؟
لقد دمرتم بيروت بهذا العبث البطولي .
[/right]
[center]قلت : تقصدين البطوله العبثيه ؟
قالت : لا فرق . أما زلتم تصدقون ؟
قلت : نصدق ماذا ؟
قالت : أي شيء , اخرجوا .. اخرجوا كي تعود المياه إلى أنابيب البيوت .
- متى تخرجون ؟
- حين يوقفون القصف , ويصبح الميناء آمناً . أهدئي يا ( نون ) فلسنا نحن الذين نملك هذه الطائرات .
- إلى متى تمضون في شيء لا يوصل إلى شيء ؟
- خذي عنقود العنب . وابحثي في الجريدة عمن مات . إنهم يقصفون حتى بيوت العجزة , ويقصفون الشهداء ليعيدوا إنتاج موتنا .
- هل ستذهبون وتتركون شهداءكم ؟
- إذا أستطعتي أن تعيدي لي ما في دمك من دمي , فسنأخذ معنا شهداءنا إلى البحر .
- لا أقصد أن اجرحكم .
- وسنأخذ معنا بخار المرايا , أحلام منتصف الصيف , وأغاني فيروز عن بيسان .
- لا أقصد أن أجرحكم .
- وسنأخذ معنا خبز الكلام .
- لا أقصد أن أجرحكم .
- وسنأخذ معنا دخان القلوب المحترقه .
- لا أقصد أن أجرحكم .
- وسنأخذ معنا الصمت الذي يسبق غايات القصائد .
- لا أقصد أن ...
- وسنأخذ معنا آثار المطر المتجعد على خطى حاولت أن تمّسي الوقت .
- لا أقصد أن اجرحكم .
- وسنأخذ معنا ما أستطعنا أن نراه من هذا البحر , سنأخذه معنا إلى البحر .
- لا أقصد أن ....
- وسنأخذ معنا رائحه القهوة وغبار الحبق المفروك وهاجس الحبر .
-لا أقصد أن أجرحكم .
- وسنأخذ معنا ظلال الطائرات وصوت المدافع في أكياس مثقوبه ...
- لا أقصد أن أجرحكم .
- وسنأخذ معنا ما خفَّ حمله من الذكريات , وعناوين السطور , ومطالع الصلاة .
- لا أقصد أن أجرحكم .
- ولن نأخذ معنا شيئاً , لــن نأخذ شيئاً .
- لا أقصد أن أجرحكم .
- لـن نأخذ معنا شيئاً , خذي سريري ومكتبي وحبوب نومي , خذي غيابي كله , عن المقعد الجالس خلف الباب ..
خذي غيابي .[/center]